السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
لماذا نكره مادة الرياضيات أكثر من غيرها ؟

في كتابها ” عمر القبطان ” تطرقت "ستيلا باروك” إلى بعض الأخطاء المرتكبة من طرف المتعلمين في الرياضيات. فبعدما قُدمت لتلاميذ المرحلة الإبتدائية على أنها باحثة أتت من أجل تقييم مستواهم في الرياضيات، طرحت عليهم، وبجدية عالية، مسألة، كالآتي : "علما أن طول سفينة يبلغ 120 مترا، وتزن حمولتها 2000 طن. ما هو عمر القبطان إذن؟ ” . ثلاثة أرباع تلامذة الصف الثاني، وأكثر من نصفهم في الصف الخامس، توصلوا إلى أجوبة عن طريق جمع (مع أنه من غير المنطقي جمع الكتلة والطول لأنهما مقدارين مختلفين وغير متجانسين)، ضرب أو قسمة الأعداد الواردة في نص المسألة،. وسواء أتوصلوا إلى نتيجة يكون فيها عمر القبطان ألف عام أو أقل من عشر سنوات، فإنهم لا يحتارون لأن ذلك "يسمى الرياضيات لا الواقع”. وهذا ينم عن قلة الوعي في استخدام العمليات الرياضية.
ومن بين الأسباب التي تجعلنا نمقت الرياضيات:
- إقتناعنا بفكرة كون الرياضيات مادة صعبة، بعيدة عن الواقع مقارنة مع مادة الفيزياء مثلا (وهذا ما نسمعه عادة في الوسط الدراسي).
- النظام التعليمي حول الرياضيات إلى مادة للإنتقاء، مملة، وخالية من روح التحدى.
- أننا نتعلم فقط في المدرسة أسس الرياضيات، ولا نتعلم كيف نكون مبتكرين. كما أن النظام التعليمي يؤول إلى توحيد الأدمغة. أفضل مثال على هذا هو العالم "كوصGauss "، فعندما كان في المرحلة الإبتدائية، كان يأمرهم الأستاذ بإنجاز عمليات حسابية طويلة ليستغرقوا وقتا، بينما ينعم ببعض الهدوء. طلب منهم حساب ما يلي: 100+……+2+1، الكل طبعا شرع في الحساب، إلا أن كوص بقي يتأمل العملية الحسابية مليا، ولاحظ أن عند جمع العددين الموجودين في الطرفين (101=100+1) نحصل على 101، و عند جمع 99 و 2 نحصل على نفس المجموع 101، وهكذا دواليك إلى أن وصل إلى 101=51+50، إذن نحصل على 101 خمسون مرة. و من ثم يحصل على 5050=50×101=100+…+3+2+1. وهكذا تفوق كوص على زملائه، لأنه، وبكل بساطة، نظر إلى التمرين على أنه تحد ممتع، وحاول أن يفكر بطريقة مبتكرة وخارجة عن المألوف. ونحن اليوم نستعمل هذه الطريقة في الحسابيات دون أن نعرف مصدرها (1). هكذا يجب أن ننظر إلى الرياضيات "تحد ممتع”. طبعا الفتى كوص دفع أستاذه للجنون.
الرياضيات ليست متاحة فقط لبعض العقول الموهوبة، بل هي متاحة للجميع لكن بشرط تعلم أسسها على النحو الصحيح، و لا داعي لنخدع أنفسنا بأن العباقرة هم وحدهم يجيدون الرياضيات. وختاما، و كما يقول "ديكارت” (العقل أعدل قسمة بين الناس).
إرسال تعليق